السبت، 12 ديسمبر 2015

مصر فى بحار ضاع فيها الملاح والمجداف

لعل المتابع للشأن المصرى الداخلى والاقليمى والعالمى يصاب بالذهول عما يجرى بها ولايعرف كيف يوصفها .وهو محق فى ذلك

فمصر تبدو كما قالت الرائعة أم كلثوم ضائعة فى بحار تئن فيها الرياح ضاع فيها المجداف والملاح .وهو توصيف دقيق للحالة التى باتت عليها مصر .. 

دعونا نتفق أولا على أن الدول المحورية تكتسب حيويتها من خلال شخصية القيادة السياسية التى تتصدر المشهد (الملاح) ربان السفينة ومن خلال طاقم السفينة وكلاهما يجب ان يتمتع بصفات المهارة والالمام بفنون القيادة 

ومصر بكل أسف تفتقد لكلا الامرين معا فالملاح يفتقد كل فنون القيادة ومهاراتهافهو قائد بالصدفة ليس لديه رؤية او برنامج او ثقافة او تاريخ سياسى يؤهله للقيادة وكان الاختيار الانسب ليتصدر المشهد لتغسل فيهالطغمة الحاكمة الفعلية للبلاد آثامها وتتطهر ثيابها من نظام هو الأفسد عبر كل مراحل التاريخ المعاصر كما وصفته مؤخرا منظمة الشفافية الدولية . تلك الطغمة التى دفعت به دفعا لتصدر المشهد وجاء كما توسمته بلا أية فكرة عن أى شيء يطرب لمعسول الكلام ويتيه فرحا وذاك جل مناه 

أما على الطرف المقابل فالملاحون جلهم من تلك الطغمة الفاسدة رجال اعمال ورأسمالية فاسدة وجنرالات اعمال لايقلون فسادا عن رجالات الاعمال بل ربما يتفوقون عليهم فسادا وهؤلاء جميعا معروف ماذا يدور بخلدهم فكلهم كالطيور المهاجرة سيحطون حيث تقبع أرصدتهم فى بنوك وبورصات المال الاوروبية والامريكية والخليجية اذا ما تأكدوا من غرق السفينة  

الامر المثير للشفقة والسخرية هو الشعب الشعب الذى ادرك ان قيادته تبيعه الوهم مرة تلو الاخرى فقرر تركها وحيدة تغرق أمام طوفان الطغمة الفاسدة لانه ادرك مبكرا أنها قيادة بلا مؤهلات قيادة بالصدفة ولكنه يرتكز على بديل اشد منها جهلا وأعظم خطرا وأكثر فسادا البديل الاخوان ولديه حجته الواهية بأنهم لم يحصلوا على كل وكامل فرصتهم وهو خادع لنفسه ومخدوع فيهم فتلك الجماعة ذات الارتباطات الدولية التأمرية بكل ماتحمل الكلمة من معنى تتحرك وفق مخطط تأمرى صراح يدار من ميونخ بالمانيا ولندن ببريطانيا والرياض بالسعودية وتل أبيب و واشنطن ولاعجب فالتاريخ السر التأمرى لبريطانيا معهم ومع كل الحركات لاصولية والكيانات الاصولية لم يعد سرا بعدما أفرجت بريطانيا عن وثائقها السرية التأمرية معهم وكلهم يعرف نوايا الاخر وأهدافه وماذا يريد من الاخر فاذا كان الاصوليون يريدون خلافة عربية او اسلامية تأمرهم قد يمكنهم منها ولكن الطرف الاخر يعلم جيدا ان شرطه لاقامتها مقبول وهو بقاء السيادة والهيمنة السياسية والاستراتيجية والاقتصادية تحت ادارته دون تدخل من النظم الحاكمة والكل يقبل بتلك الصيغة تماما كما هو الحال فى النموذج الوهابى السعودى 

اذما عدنا للنظام المصرى فهو يضع نفسه فى موضع لايحسد عليه ضياع البوصلة بين مايريده الشعب وماتريده الطغمة المسيطرة التى تأكدت من ضعفه وحسن اختيارها له وعليه ان يتحمل نتيجة انحيازاته 

لكن الوضع لن يستمر حتما فمازال العمود الفقرى للدولة المصرية بخير وسيتحرك فى التوقيت المناسب ليخرج بمصر من ذلك النفق المظلم الذى انزلق النظام بمصر اليه  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق